موقع اليونيفيل الأعلى: ملتقى التشويق والشجاعة والتفاني والالتزام

يتكون محيط الـ OP1 من سياج حجري. 29 حزيران 2021. (صورة: الأمم المتحدة/زينة عزالدين)

يمكن رؤية بلدة شبعا بوضوح من نقطة المراقبة الأولى. 29 حزيران 2021. (صورة: الأمم المتحدة/زينة عزالدين)

في الطريق إلى نقطة المراقبة الأولى (OP1)، يلتقي المقدم راهول سينغ وفريقه براعي معروف من قبلهم وقطيعه المكوّن من حوالي 200 رأس ماشية، ويتبادلون التحية من باب اللياقة. 29 حزيران 2021. (صورة: الأمم المتحدة/حيدر فحص)

يقوم حفظة السلام أحياناً برحلتهم المضنية وهم ينقلون أحمالاً ثقيلة. 7 تموز 2021. (صورة: الأمم المتحدة/المؤهل باندي ب)

تقوم مجموعة من جنود حفظ السلام الهنود في اليونيفيل برحلة مضنية إلى نقطة المراقبة الأولى كل يوم، صباحاً ومساءً، خلال الشتاء المثلج وأثناء الصيف الحارّ. 29 حزيران 2021. (صورة: الأمم المتحدة/حيدر فحص)

أحد جنود حفظ السلام يقوم بمراقبة محيط نقطة المراقبة الأولى. 29 حزيران 2021. (صورة: الأمم المتحدة/حيدر فحص)

previous next
23 سبتمبر 2021

موقع اليونيفيل الأعلى: ملتقى التشويق والشجاعة والتفاني والالتزام

عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان لا تقتصر دائماً على تسيير دوريات في البلدات والقرى أو مراقبة الخط الأزرق البالغ طوله 120 كيلومتراً على مدار الساعة.

بالنسبة لمجموعة من جنود حفظ السلام الهنود في اليونيفيل، فإن الأمر أكثر من ذلك بكثير.

اننا نتحدث عن رحلة مضنية على طول تلّ شديد الانحدار مساراته غير واضحة إلى حدّ ما، والتنقل عبر الأحجار الحادة والصخور المحدّبة والشجيرات الشائكة. كل يوم. صباحاً ومساءً. خلال الشتاء الثلجي وأثناء الصيف الحارّ.

إننا نتحدث عن الوصول إلى أعلى نقطة مراقبة تابعة لليونيفيل على ارتفاع حوالي 1800 متراً فوق مستوى سطح البحر، والعودة إلى الموقع الأساسي الواقع على منحدر قريب.

من أجل الوصول إلى نقطة المراقبة الأولى (OP1)، كل ما يحتاجون إليه هو المثابرة والشجاعة والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي يشكل جوهر ولاية اليونيفيل.

إنه موقع مؤقت يقع على التلال شديدة الانحدار غير المأهولة بالقرب من بلدة شبعا ويتم العمل فيه خلال النهار. نقطة المراقبة الأولى (OP1) هي أيضاً موقع اليونيفيل الذي يقع في أقصى الشرق على طول الخط الأزرق الذي يبلغ طوله 120 كيلومتراً والذي يفصل بين لبنان وإسرائيل.

الطريقة الوحيدة للوصول إليه تتطلب السير بحذر شديد لمدة 45 دقيقة تقريباً خلال الصيف، وساعة واحدة خلال الشتاء، وذلك من آخر نقطة تصلها الآليات بالقرب من بلدة شبعا.

***

اليوم، في صبيحة يوم صيفي، المقدم راهول سينغ، قائد موقع اليونيفيل "4-7 ألفا" الواقع شمال بلدة شبعا، يعطي أوامره لعشرة من جنود حفظ السلام للتوجه إلى نقطة المراقبة الأولى (OP1).

بعد إحاطة سريعة عن المهمة وحوالي 20 دقيقة من القيادة - مروراً ببلدة شبعا وأيضاً على طول جزء من الطرق الوعرة بعد ذلك - يبدأ ركاب القافلة المؤلفة من ثلاث آليات رحلتهم الشاقة صعوداً في المسار الجبلي الحادّ.

لا يوجد مسار مرئي. في الواقع، يجب على "المتسلقين" أن يصنعوا واحداً أثناء المشي على منحدر حادّ مليء بالصخور المحدّبة والشجيرات الشائكة. إنه أمر خطير للغاية لدرجة أن حتى الخطأ البسيط يمكن أن يؤدي إلى عواقب مميتة.

يتوقف المقدم سينغ للراحة في زاوية تشبه الكهف محتمياً لبرهة من أشعة الشمس الحارقة، ويقول: "نتسلق ومعنا الطعام والذخيرة والإمدادات. نبقى هناك طوال اليوم، ونقوم بمراقبة الخط الأزرق، ونعود بحلول الساعة 7:30 مساءً".

ويتابع قائلاً إن جنود حفظ السلام الهنود يقومون أحياناً برحلتهم المضنية وهم ينقلون أحمالاً ثقيلة، بما في ذلك الأسلحة والذخيرة والتموين والمعدات. ومنذ وقت ليس ببعيد، حملوا مولد كهرباء يزن 250 كيلوغراماً.

وبينما يبدأ جنود حفظ السلام رحلتهم عند حوالي الساعة 5:30 صباحاً ويعودون بحلول الساعة 7:30 مساءً خلال فصل الصيف، تكون المدة أقصر خلال فصل الشتاء، أي ما بين الساعة 6:00 صباحاً والساعة 6:00 مساءً.

على طول الطريق، يلتقي المقدم سينغ وفريقه براعي وقطيعه المكوّن من حوالي 200 رأس ماشية. إنهم يعرفون بعضهم البعض، فيلوحون بالتحيات ويتبادلون السلامات.

***

أخيراً في القمة! استغرقت هذه الرحلة المضنية أكثر من ساعة، وذلك بسبب وجود بعض الزوار من المقرّ العام لليونيفيل في الناقورة الذين لم يعتادوا مثل هذا العمل البدني الشاق.

الهياكل الجاهزة الأربعة المصطفة الى جانب بعضها تشكل معاً نقطة المراقبة الأولى (OP1)، حيث تبدو وكأنها جزيرة منعزلة تقف شامخة في وسط اللامكان. كل ما لديهم هنا هو ركن للعمل، وزاوية للراحة، ومخزن للتموين، ومطبخ وبجواره دورة مياه، وجميعها متلاصقة داخل سياج حجري. لا توجد كهرباء أو مياه جارية أو خدمة هاتف خلوي. والوسيلة الوحيدة للاتصال هي جهاز اللاسلكي.

في حين يمكن للمرء أن يرى فقط سلاسل من التلال الصخرية شرقاً وجنوباً، فإن بعض المناظر البعيدة مذهلة. سهل البقاع ذو المناظر الخلابة يظهر على بعد حوالي 33 كيلومتراً الى الشمال، وبلدة إبل السقي تظهر في الشرق، وبلدة شبعا تظهر قريبة.

لا يوجد أي أثر للحياة في الجوار القريب، باستثناء بعض الرعاة الذي يظهرون من وقت وآخر وهم يرعون قطعانهم.

إن حفظة السلام الثمانية التابعين لليونيفيل الذين يتواجدون في الموقع خلال النهار ويعملون على مراقبة الخط الأزرق ومنع انتهاكه يكونون في حالة تأهب قصوى، ويراقبون المناطق المحيطة بهمّة ونشاط.

وهذا الموقع تحديداً مهم، وذلك بسبب قربه من كل من سوريا وإسرائيل، اللتين تبعدان بضعة كيلومترات.

يشير المقدم سينغ إلى أن هناك أربعة رعاة مألوفين يرتادون المنطقة بشكل منتظم مع قطعانهم، وأحياناً يعبرون عن غير قصد الخط الأزرق في أماكن لا توجد فيها علامات، مما يشكل انتهاكاً للقرار 1701.

ويضيف: "نحن هنا من أجل (مراقبة ومنع) انتهاكات الخط الأزرق، والتي تحدث عادة خلال النهار، ومن قبل الرعاة. إذا لم يغادر بعض الرعاة، فإننا أيضاً لا نترك هذا الموقع حتى يغادروا".

في يوم الزيارة التي قمنا بها، انتهك الرعاة وقطعانهم الخط الأزرق مرتين، وتم اعادتهم في النهاية.

ويضيف الضابط الهندي: "إن الخط الأزرق غير ظاهر بشكل عام وغير مرئي هنا، وقد تم وضع العلامات عليه بناءً على مواضع الصخور والجبال الطبيعية. عادةً ما يعبر الرعاة الخط الأزرق ومعهم قطعانهم التي تتألف من 200 أو 250 رأس ماعز، ونحاول منعهم من خلال التواصل، وأحياناً يعبرون عن غير قصد، ونتصل بهم ويعودون".

خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، انعزل هذا الموقع الذي تبلغ مساحته 360 متراً مربعاً لمدة 10 إلى 15 يوماً بسبب الثلوج الكثيفة التي يصل ارتفاعها أحياناً إلى خمسة أقدام.

وجنود حفظ السلام هنا يحاولون تدفئة أنفسهم من خلال استخدام مدافئ الكاز.

***

جنود حفظ السلام الهنود في اليونيفيل استلموا هذا الموقع المنعزل، إلى جانب موقع الأمم المتحدة 4-7A من قوات حفظ السلام النرويجية التي أنهت مهمتها في عام 2002.

الأنشطة العملياتية التي يقوم بها جنود حفظ السلام الهنود هنا تجسّد نظام العمل اليومي لليونيفيل، والحفاظ على احترام الخط الأزرق في صميمه.

إن العمل في هذا الموقع شاق الى حدّ كبير، وهو يساهم بشكل مباشر في تنفيذ ولاية اليونيفيل.

نقطة المراقبة الأولى (OP1) هي ملتقى التشويق والخطر والشجاعة والتفاني والالتزام.

***