خطوة واحدة خاطئة يمكن أن تغيّر مجرى حياتك: الألغام الأرضية لا تزال تشكل خطراً مستمراً في جنوب لبنان
نائلة جفال تسعى الى تحذير الناس من أخطار الألغام الأرضية. إنه خَطَر تعرفه جيداً. اعتادت نائلة العمل مع منظمة غير حكومية لإزالة الألغام الأرضية في جنوب لبنان، إلا أن حادثاً مأساويا حصل أثناء مزاولتها لعملها في بلدة علما الشعب أحدث تغييراً كبيراً في حياتها.
تقول نائلة: "أتذكر أنه كان يوم سبت. كنا نعمل أيام السبت للتعويض عن الأيام الممطرة عندما لا نستطيع العمل. لقد بدأ كأنه يوم عادي، وكنت أقضيه كبقية الأيام عندما وقع الحادث".
انفجر لغم أرضي وأصيبت نائلة بجروح بالغة الخطورة. تحرك فريقها على الفور للحصول على مساعدة طبية.
وتضيف: "تم نقلي إلى مستشفى جبل عامل حيث تلقيت الإسعافات الأولية، ثم نُقلت إلى المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت. مكثت هناك لمدة شهر حيث خضعت لتدخلات طبية؛ كل يومين تقريباً. أصبت بجروح في ساقي وبُترت يدي اليمنى وفقدت عينيّ الاثنتين".
اليوم، وبعد أكثر من عام ونصف، ما زالت نائلة بحاجة إلى علاج طبي لعينيها، ولا تستطيع رؤية الأشياء إلا على شكل ظلال.
تُعتبر قصة نائلة والثمن الباهظ الذي دفعته بمثابة تذكير بأن وجود الألغام الأرضية لا يزال يمثل تهديداً خطيراً في جنوب لبنان.
تطهير الحقول من الألغام مهمة ستستغرق سنوات عديدة، وتجربة نائلة هي تذكير واقعي بالمخاطر التي لا تزال موجودة في هذه الحقول. يتولى المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام المسؤولية الأساسية عن هذه المهمة. ومع ذلك، قدم حفظة السلام في اليونيفيل المساعدة من خلال تطهير أكثر من 5 ملايين متراً مربعاً من الأراضي الملوثة بالألغام في جنوب لبنان.
يقوم عناصر نزع الألغام التابعون لليونيفيل بوضع علامات حول المناطق التي يعملون فيها لتحذير الناس من مخاطر الالغام والحفاظ على سلامتهم. ولسوء الحظ، يلاحظون أحياناً أنه يتم نقل العلامات، مما يضطرهم الى إعادة أداء عملهم في تحديد الحقول، وبالتالي تستغرق عملية إزالة الألغام بأكملها وقتاً أطول، ناهيك عن خطورة هذا العمل.
تقول نائلة: "أقول لهؤلاء الناس إن هذه العلامات وضعت في هذه الأمكنة للحفاظ على سلامتكم الشخصية، وعلى وجه التحديد لإرشادكم إلى المناطق الخطرة والمناطق آمنة. لذا، اتركوا هذه العلامات في مكانها ولا تقوموا بإزالتها".
بدوره يوافق ناجي عواضة، من الفريق التابع لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، على ما قالته نائلة.
ويقول: "تشكل إزالة الإشارات التحذيريّة من حقول الألغام في جنوب لبنان خطراً كبيراً على الأشخاص الذين يزيلونها. كما أن هذا الأمر يعرّض المزارعين والرعاة لمخاطر جسيمة. هذا المزارع أو الراعي الذي تقع أشجار زيتونه بالقرب من حقول الألغام معتاد على رؤية علامات التحذير. عندما تزيلها، فإنك تعرضه للخطر. إنهم يدخلون مناطق غير معروفة، ولهذا قد تطأ أقدامهم على لغم وينفجر".
وتوجه نائلة رسالة أخيرة لأي شخص يجد نفسه بالقرب من حقل ألغام، فتقول: "كن حذراً. إذا رأيت أي جسم غريب، أبلغ السلطات المختصّة على الفور. الألغام خطيرة للغاية وليست ألعاباً. يمكن أن تكلّفك حياتك".
استمعوا إلى نائلة جفال تسرد أحداث ذلك اليوم المشؤوم عبر برنامج اليونيفيل الاذاعي: