دور القوة البحرية في اليونيفيل

18 فبراير 2010

دور القوة البحرية في اليونيفيل

قوة اليونيفيل البحرية هي القوة الأولى من نوعها في تاريخ بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وهي تنتشر منذ تشرين أول من عام ٢٠٠٦، بناءً على طلب من الحكومة اللبنانية، لمساعدة البحرية اللبنانية على تأمين مياهها الإقليمية، وللمساعدة على منع الدخول غير المصرّح به للأسلحة أو المواد ذات الصلة إلى لبنان عن طريق البحر.

ومنذ تأسيسها، تولّت ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا بالمناوبة قيادة قوة اليونيفيل البحرية. وفي الأول من كانون الأول من عام ٢٠٠٩، تولّيت أنا شخصياً، كاتب هذه السطور، قيادة قوة اليونيفيل البحرية للأشهر الستة المقبلة نيابةً عن إيطاليا.

وبغية إنجاز المهمة الموكلة إليها، تعمل وحدات قوة اليونيفيل البحرية في منطقة العمليات البحرية على إمتداد الساحل اللبناني بأكمله، وتمتد غرباً لتصل إلى ٤٣ ميلاً بحرياً في البحر الأبيض المتوسط. ويشكَل الإثني عشر ميلاً بحرياً الأولى من الساحل اللبناني المياه الإقليمية اللبنانية، فيما تعتبر الأميال المتبقية مياهاً دولية. وتقوم وحدات القوة البحرية بعمليات مراقبة مستمرة للحركة التجارية، لا سيما على طول ممرات الإقتراب إلى الموانئ الرئيسية الثلاثة في لبنان: بيروت وطرابلس وصيدا.

في ما خصَ مهام قوة اليونيفيل البحرية الرئيسية، يمكن تلخيصها في ما يلي: أولاً، إقامة وجود ومراقبة بحرية على امتداد منطقة العمليات البحرية، مع إعطاء الأولوية للمياه الإقليمية اللبنانية. ثانياً، القيام بعمليات الإعتراض البحري، بما في ذلك التعريف عن السفن، ووقف/ تحويل أو إحالة السفن التجارية المشتبه فيها للتفتيش من قبل السلطات اللبنانية، داخل المياه الإقليمية اللبنانية. كما ويمكن لقوة اليونيفيل البحرية أيضاً الصعود إلى متن السفن المشتبه فيها وتفتيشها إذا ما طلبت منها البحرية اللبنانية ذلك.

أما الهدف لقوة اليونيفيل البحرية على المدى الطويل يتمثل في تسليم المسؤوليات الأمنية تدريجياً إلى سلاح البحرية في الجيش اللبناني. وهذا الهدف يرتبط إرتباطاً مباشراً بالبحرية اللبنانية لناحية إكتساب القدرات المطلوبة لتأمين حدودها البحرية وتولي السيطرة الأمنية على المياه الإقليمية اللبنانية. وبالفعل، فقد إزدادت قدرات البحرية اللبنانية في السنوات الثلاث الماضية من خلال تبادل المهارات على صعيد الدوريات وأجهزة الرادار وغيرها من المعدات البحرية، إضافة إلى التدريبات الدورية التي قدمتها قوة اليونيفيل البحرية لعناصر البحرية في الجيش اللبناني. إشارة إلى أن قوام القوة البحرية خلال الفترة نفسها إنخفض، بحيث أنها تعمل حالياً في أقل من نصف الثمانية عشر سفينة التي كانت متواجدة في أثناء انتشارها الأولي في عام ٢٠٠٦.

وبغية الحفاظ على صورة واضحة في المنطقة البحرية كلها، تم تعيين قائد دائم لمهمة عمليات الإعتراض البحري. وهذه المهمة في العادة تقوم بها الفرقاطات، وهي سفن كبيرة ذات إمكانات عالية من حيث القيادة والسيطرة. إن الرقابة والمراقبة على السفن العابرة لمنطقة العمليات البحرية يتم تنفيذها من خلال إستخدام نظام التعريف الآلي، وهي أداة متطورة تساعد في زيادة مراقبة المنطقة.

تجدر الإشارة إلى أن عملية التعريف لكل حركة المرور البحرية أمر دقيق، ذلك أنها تسمح بتصنيف السفينة "مشبوهة" أو "يُصرح لها" (للمضي قدماً) بمجرد الإنتهاء من المهاتفة. وجميع السفن التجارية التي تصنف "مشبوهة" تخضع للمراقبة، وفي حال كانت متوجهة إلى مرفأ لبناني، يتم إحالتها إلى سلطات الجيش اللبناني للتفتيش.

إن التعاون في هذه العملية بين قوة اليونيفيل البحرية وسلاح البحرية اللبنانية أمر أساسي، وبغية مساعدة الجيش في مهام التعريف، يتواجد على متن سفينة قائد عمليات الإعتراض البحري ضابط إرتباط لبناني.

أما الهدف الثاني في مهمة القوة البحرية فيتمثل في مساعدة وتدريب البحرية اللبنانية على إكتساب القدرة على السيطرة الكاملة على مياهها الإقليمية. الهدف الرئيسي من التدريب هو تمكين سلاح البحرية في الجيش اللبناني من إكتساب القدرة على تحديد وتقييم الصورة على سطح المياه. وتتم هذه العملية بمشاركة كاملة مع مركز العمليات البحرية، إضافة إلى محطات الرادار الساحلية وقطع الدوريات البحرية.

وتشمل الأنشطة الرئيسية لبرنامج القوة البحرية دراسات نظرية مصممة وعملية وفقاً لمبادئ "تدريب المدربين" و "التدريب خلال العمل" بأسلوب الدعم المتبادل أثناء العمليات الفعلية. وقد تم تنفيذ هذا الأسلوب من خلال عمليات الإعتراض البحري المشتركة التي تنطوي على عمل منسق من مكوني سلاح البحرية في الجيش اللبناني (زوارق الدوريات والرادارات الساحلية) مع قوة اليونيفيل البحرية العاملة في مجال أكبر من منطقة العمليات البحرية. وعلاوة على ذلك، أسس سلاح البحرية في الجيش اللبناني جهازاً للتدخل السريع في البحر يتكون من أربع وحدات مقرها في طرابلس وجونية وبيروت وصور، حيث يمكن أن تندفع في وقت قصير لإعتراض السفن المشتبه بها.

كذلك تم إنشاء العديد من القطاعات الأخرى للتعاون والتكامل. خلال "مرحلة في البحر"، على سبيل المثال، كان يتواجد بشكل روتيني على متن سفن اليونيفيل حوالي سبعة بحارة لبنانيين لزيادة مهاراتهم البحرية. وضمن هذا المفهوم الجديد، يضطلع سلاح البحرية في الجيش اللبناني بدور مباشر في عمليات الإعتراض البحري التي تقوم بها اليونيفيل.

إن كل هذه الجهود ساهمت في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، وعملت كرادعٍ قوي ضد الأنشطة غير القانونية في المنطقة، فضلاً عن أنها ساعدت عموماً في تعزيز أمن الملاحة البحرية، مع ما رافق ذلك من تحقيق فوائد كبيرة للإقتصاد والتجارة والرفاه والإستقرار الشامل في لبنان.

الأميرال باولو ساندالي - قائد قوة اليونيفيل البحرية -