الدور المتطوّر لفرع الارتباط التابع لليونيفيل

previous next
23 مايو 2025

الدور المتطوّر لفرع الارتباط التابع لليونيفيل

شهد دور فرع الارتباط التابع لليونيفيل نموّاً مطّرداً وملحوظاً مع تصاعد تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وسواءً أكان يعمل بمثابة حلقة وصل حيوية بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، أم يُسهّل الأنشطة الإنسانية وعمليات الطوارئ في جنوب لبنان، فقد ظلّ هذا الفرع التابع لليونيفيل أساسياً على مدار العشرين شهراً الماضية.

وبصفته الوحدة الوحيدة التابعة لليونيفيل التي تتمتع بحضور مادي دائم على جانبي الخط الأزرق، يُجري فرع الارتباط التابع لليونيفيل دوريات يومية لمراقبة الأنشطة والتطورات الجارية على الأرض والإبلاغ عنها بنزاهة. إلا أن هذه الأنشطة توقّفت في ذروة الأعمال العدائية الأخيرة، واستؤنفت الدوريات المنتظمة في كانون الثاني/ يناير 2025.

قبل تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان تركيز الفرع منصبًاُ بشكل أساسي على تخفيف التوترات على طول الخط الأزرق. وفي ذروة الأعمال العدائية، تطوّر دوره ليشمل إيصال المعلومات الدقيقة بشكل سريع للأطراف، وتسهيل عمليات الإنقاذ، ومنع وقوع إصابات، والحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة بين الأطراف. وبعد تفاهم وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، لعب الفرع دوراً تنسيقياً رئيسياً في انسحاب القوات الإسرائيلية، وما تلا ذلك من إعادة انتشار وحدات الجيش اللبناني في أكثر من 120 موقعاً في الجنوب.

وتركّز دوريات فرع الارتباط المستمرة على مناطق الاحتكاك والتوتر المتزايد.

إحدى الدوريات - التي تضمّ آليتين وأربعة ضباط ارتباط تابعين لليونيفيل وموظّفي دعم – جابت مؤخراً الأودية والقرى الجنوبية اللبنانية التي دمّرتها الأعمال العدائية الأخيرة.

قائد الدوريّة، الرائد سيبو من فنلندا، والذي يُفضّل ذكر اسمه الأول، قال ان مهمّة اليوم كانت رصد أي تطورات جديدة على الأرض، مثل التحرّكات العسكرية أو البنى التحتيّة الجديدة. وخلال الدورية، وبفارق دقائق فقط، مرّ الفريق من أمام مشاهد الدمار الهائل في عيتا الشعب، ثم عبر بلدة رميش، التي بقيت على حالها إلى حدّ كبير.

على بُعد بضع كيلومترات من رميش، وبعد عبور حقول التبغ الشاسعة، وصلت الدورية إلى موقع اليونيفيل المؤقت رقم 16 (TP16) على الخط الأزرق، والمُخلى منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

خلف هذا الموقع، تقع منطقة مفتوحة متنازع عليها بين إسرائيل ولبنان، وتُعتبر واحدة من النقاط الثلاثة عشر المتحفظ عليها على طول الخط الأزرق. لاحظ الرائد سيبو وزميله ضابط الارتباط الرائد حسن كامارا من سيراليون شيئاً غير عادي: فبينما كان الحقل في معظمه سليماً مع وجود الأجمّة النامية قبل أسبوعين، فقد تم تجريف جزء كبير منه الآن.

وقال الرائد كامارا: "من المدهش اليوم أن أرى خلف النقطة TP16 أن الجيش الإسرائيلي قد أزال الأجمّة"، مضيفاً أن المنطقة كانت مغطّاة بالأجمّة قبل أسبوعين فقط.

ومن التغييرات الأخرى التي لاحظتها الدوريّة تركيب جدار على شكل حرف T على بُعد بضع مئات الأمتار جنوب الحقل المفتوح - على الجانب الإسرائيلي.

وأوضح الرائد سيبو أن الجدار على شكل حرف T رُصد لأول مرة.

ثم سارت الدوريّة عبر طريق وعرّ للوصول إلى موقع للجيش اللبناني شرق بلدة يارون. وفي طريقها، لاحظت أعمال بناء يقوم بها الجيش الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق. يُعدّ موقع القوات المسلحة اللبنانية، المُحاط بجدار على شكل حرف T، واحداّ من أكثر من 120 موقعاً سُلّمت إلى القوات المسلحة اللبنانية بدعم من اليونيفيل عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي أواخر كانون الثاني/ يناير 2025.

ثم انطلقت الدورية في رحلة عودتها إلى قاعدتها في الناقورة بعد زيارة بعض مواقع القوات المسلحة اللبنانية، ومرّ الفريق مجدداً بمشاهد الدمار، لا سيما في بلدتي يارون ومارون الراس اللتين كانتا تعجّان بالنشاط سابقاّ.

 

جهات فاعلة جديدة، ودور جديد

العقيد أوليفييه واتشي، كبير ضباط الارتباط في اليونيفيل، قال إن دور فرع الارتباط تطوّر تطورًا كبيراً منذ تفاهم وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، لا سيما مع وصول "جهات فاعلة جديدة".

وأضاف: "أولها الآلية (التي تقودها الولايات المتحدة) لمراقبة تنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية، ونتيجةً لوجود بيئة جديدة مع احتلال الجيش الإسرائيلي لخمس مناطق، وعدم وجود جهات فاعلة غير حكومية تُجري عمليات عسكرية. لذا، بالنسبة لنا، يتطوّر الدور بطريقة تجعلنا الآن أكثر تركيزاً على الأرض".

كما لفت العقيد واتشي الى أن الدوريات اليوميّة تُساعد على معرفة ما إذا كانت هناك احتكاكات بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي.

وتابع: "وبهذه الطريقة، نكون في الوسط، بين مختلف القوى، لشرح ما يجري من أي من الجانبين، ولشرح الضوابط وتوقّعات كلٍّ منهما. وبهذه الطريقة أيضاً، نكون نحن عادةً من يقوم بالتخفيف من حدّة التوتر على الأرض".

ومن بين المهام الجديدة التي يقوم بها فرع الارتباط منذ تشرين الثاني/ نوفمبر تسهيل العودة الآمنة للمواطنين اللبنانيين المُفرج عنهم من السجون الإسرائيلية. "نحن من يُشكّل حلقة الوصل بين الجيش اللبناني، والمخابرات اللبنانية، والجيش الإسرائيلي، والصليب الأحمر الدولي، والصليب الأحمر اللبناني. لذا، فنحن الوسيط بين جميع هذه المنظمات والأطراف".

 

السياق التاريخي

في أحد الاجتماعات الثلاثية - التي ترأستها اليونيفيل وحضرها ممثلون عن كل من الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي - في كانون الأول/ ديسمبر 2006، اتفقت جميع الأطراف على إنشاء آلية ارتباط وتنسيق. وكان الهدف هو إنشاء آلية لضمان تنفيذ أكثر فعاليّة للبنود العسكرية والأمنية ذات الصلة من قرار مجلس الأمن الدولي 1701، وذلك لمنع استئناف الأعمال العدائية.

وأدى هذا القرار لاحقاً إلى إنشاء فرع الارتباط التابع لليونيفيل، واجراء ترتيبات مقابلة مع كلا الطرفين: نشر ضباط ارتباط تابعين لليونيفيل في القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي، ونشر ضباط ارتباط تابعين للجيش اللبناني في مركز العمليات المشتركة لليونيفيل، بغرض التواصل مع القيادات العسكرية لكل منهما.

قبل تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كانت هناك ستة فرق منتشرة على طول الخط الأزرق: أربعة فرق على الجانب اللبناني وفريقان على الجانب الإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك فريق للتدخل السريع قادر على الانتشار عند الحاجة.

من بين ضباط الارتباط الـ 29 التابعين لليونيفيل من 21 دولة، يوجد حالياً فريق من ضابطين في الجانب الإسرائيلي. الضباط المنتشرون جنوب الخط الأزرق كانوا يُجرون دوريات بالقرب من الخط يومياً. وفي حين لم تُستأنف الدوريات على الجانب الإسرائيلي بعد، فإن الدوريات اليومية على الجانب اللبناني لم تتوقف بشكل كامل، واستؤنفت فعلياً في كانون الثاني/ يناير 2025