التف أفراد الوحدة المكوّنة من ستة جنود حفظ سلام فرنسيين تابعين لليونيفيل حول الزاوية وهم يحملون نقالة تمدد عليها زميل لهم ليجدوا أمامهم شبكة حبال ترتفع نحو ٥٠ سنتيمتراً عن الأرض وتلمع في ضوء الظهيرة، فبذلوا جهداً كبيراً ليشقوا طريقهم وهم يعطون التعليمات لبعضهم البعض، ثم انقضوا كالنمر وبسرعة تحت شبكة الحبال وهم يسحبون زميلهم الممدد والمربوط على النقالة، وهذا ما استدعى صيحات الاعجاب من الجمهور المحتشد في الميدان.

على مقربة منهم تواجدت فرق من القوات المسلحة اللبنانية والوحدات الماليزية والغانية والكورية الجنوبية التابعة لليونيفيل. وفي السماء، تصاعد الغبار فغطى حلبة المباريات وحجب الشمس،  تماما كما كان يحدث خلال العصر الروماني عندما  كان سباق العربات يرفه عن الحشود.

اشارة الى أن ميدان سباق الخيل الروماني الأثري في مدينة صور اللبنانية يعدّ أحد أكبر وأكثر ميادين سباق الخيل المحاقظ عليها في العالم. وقد كان الموقع يستوعب في ما مضى حوالي عشرين ألف متفرج واستضاف سباقات العربات الحماسية. ويوم الأحد الماضي، استضاف هذا المعلم التاريخي الأولمبياد العسكري السنوي بين اليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية.

وبينما كان أفراد الجيش اللبناني وجنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل يخوضون مباريات وديّة وشاقة في نفس الوقت، تحدث رئيس أركان اليونيفيل العميد ليوت دي نورتبيكورت، فأوجز الموضوع على النحو التالي: "سبب وجودنا هنا اليوم هو دعم جمعيتين تهتمان بالجنود الجرحى وأسرهم وأبناء الشهداء. الأولى هي جمعية فرنسية مقرّها باريس وتدعى أخوة الأرض، والثانية هي مؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري التي سميت باسم أول شهيد من الجيش اللبناني في معارك نهر البارد، وهي تدعم أسر وأبناء شهداء الجيش اللبناني وتهتم بهم".

تلقت كل جمعية تبرعاً قدره ٢٣٫٠٠٠  دولار أميركي، فيما تنافس االعسكر في أنشطة مشابهة لما يحدث في المعسكرات. وشمل ذلك ألعاباً على غرار سباق "كرونوس" الذي تحاول فيه فرق مكونة من عشرة أفراد جرّ  شاحنة وزنها ٦١٠٠ كيلوغرام لمسافة ١٥٠ متراً، ومباراة "هيدز" التي تحاول فيها فرق كل منها مكوّن من سبعة أفراد القيام بسباق بدل يتضمن حواجز وعرّة.

أما المباراة الأكثر دراماتيكية فكانت "آريس"، حيث تنافست فرق من ستة أفراد في سباق تتابع شمل ركضاً فوق الحبال في أحد أجزائه وزحفا كالنمر تحت الحبال في جزء آخر. وفي كل لفّة، يضاف عبىء جديد لزيادة الصعوبة على المتنافسين. وفي اللفة قبل الأخيرة كان كل فرد من المشاركين يحمل سترة واقية من الرصاص وخوذة وعبوة مياه وحقيبة للظهر وبندقية وهمية - فوق الحبال، ومن ثم تحت الحبال. وفي اللفة الأخيرة كان على الفريق بأكمله أن يحمل المعدات، أضافة الى زميل لهم ممدد ومربوط إلى نقالة - فوق الحبال، ثم تحت الحبال - وسحب الضحايا معهم. ولم يتوقف الجمهور عن تشجيعه للفرق. وبعد الحدث، قام كل المشاركين من اليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية بتهنئة بعضهم البعض على خوض هذه المباريات الشاقة.

وبالعودة الى العميد نورتبيكورت، أضاف: "هذه طريقة أخرى للتعبير للجيش اللبناني اننا اخوة في السلاح، من خلال الألعاب الرياضية والابتسامة والأغاني. كما أن هذه وسيلة أخرى للتواصل مع أسر الجنود الشهداء والجرحى، الى جانب تعزيز علاقاتنا ودعمنا للجيش اللبناني".

منذ عام ٢٠٠٦، تعمل اليونيفيل في جنوب لبنان بموجب قرار مجلس الأمن الدولي ١٧٠١، وأحد الجوانب الرئيسية لهذه الولاية هو دعم شريكها الاستراتيجي، أي القوات المسلحة اللبنانية، وسكان المنطقة.

-----------------------------------------------------------------
مقال: إيفن أوسوليفان
كاميرا فيديو: محمد حمزة، إيفن أوسوليفان
محرر فيديو: سوزان بدرالدين 
صورة: باسكال غوريز
-----------------------------------------------------------------