عمليات اليونيفيل البرية

18 فبراير 2010

عمليات اليونيفيل البرية

في كل يوم، مئات عدة من الدوريات، كل منها تضم مركبتين أو ثلاث، تجوب طرقات جنوب لبنان وهي رافعة علم الأمم المتحدة. يضاف إلى ذلك، ما يناهز المئة مركز مراقبة، وعدد من الدوريات الراجلة، وفرق الهندسة وإزالة الألغام العاملة على الأرض على طول الخط الأزرق ومناطق أخرى، ومن فوقنا، تحلق المروحيات البيضاء وهي تراقب الخط الأزرق.

ولكن ما الدافع وراء كل هذه الأنشطة؟

المجتمع الدولي، من خلال الأمم المتحدة، إلتزم بإنشاء قوة عسكرية لإستعادة السلم والأمن الدوليين في جنوب لبنان. وبناء على ذلك، تم تكليف قوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان (اليونيفيل) لحفظ السلام، التي تضم أكثر من ١١٠٠٠ جندي على الأرض، بمراقبة وقف الأعمال العدائية، ومرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية خلال إنتشارها في جميع أرجاء الجنوب، بما في ذلك على طول الخط الأزرق، وذلك خلال سحب اسرائيل لقواتها المسلحة من لبنان، إضافة إلى تقديم المساعدة على ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين، ومساعدة القوات المسلحة اللبنانية في إتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المنتشرة في هذه المنطقة.

إذاً، المراقبة والردع والدعم هي المهام الرئيسية الثلاث لليونيفيل في إطار جهود حفظ السلام على الأرض.

المراقبة، وتتم عن طريق مزيج من العمليات المتحركة والثابتة. على الصعيد المتحرك، الدوريات المنتظمة على الأرض، سواء كانت مؤللة أو راجلة، بما في ذلك الدوريات المنسقة مع القوات المسلحة اللبنانية، وكذلك ما يسمى بدوريات منطقة السيطرة التي تجمع بين الدوريات الأرضية والجوية بالمرحيات، تساعد اليونيفيل على الحفاظ على تواجدها في جميع أنحاء المنطقة، حيث يتم تسيير دوريات في أوقات مختلفة على الطرق الرئيسية والممرات الصغيرة والأودية. ويتم التركيز بصفة خاصة على ضمان إحترام الخط الأزرق، وهو خط إنسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في عام ٢٠٠٠ الذي رسمته الأمم المتحدة.

وثمة إعتبارات عملياتية محددة أيضاً تؤخذ في الإعتبار لناحية حماية المدنيين والحؤول دون الأعمال التصعيدية المحتملة التي من شأنها تهديد وقف الأعمال العدائية.

فيما يتعلق بالعمليات الثابتة، فإن اليونيفيل والجيش اللبناني يضعان نقاط تفتيش مشتركة على الطرق. وتعمل اليونيفيل وفقاً لمفهوم "الحلقة الزرقاء"، وذلك من خلال نشر عدد من قواتها خارج نقطة التفتيش التي يتمركز فيها جنود الجيش اللبناني الذين يتولون توقيف وتفتيش المركبات المشبوهة.

إن مراكز المراقبة هي النشاط العملياتي الثابت الأول، وهي تقع في نقاط مطلّة تسمح بمراقبة جيدة للمنطقة مع تركيز خاص على الخط الأزرق، بما في ذلك في أثناء الليل من خلال إستخدام أجهزة للرؤية الليلية.

ردع الأنشطة المعادية، وهو مكفول من خلال الجمع بين وجود وعمليات اليونيفيل والجيش اللبناني، وتلعب قوة التدخل السريع في اليونيفيل دوراً هاماً في هذا الصدد. وهذه القوة مؤلفة من دبابات قتالية تقليدية، ومدافع ذاتية الإطلاق، ومدفعية مضادة للطائرات وصواريخ مضادة للدبابات مجهزة برادارات. ومن الواضح أن قوة الردع الصلبة هذه تحتاج إلى تدريب وفهم للتضاريس وخصائصها بشكل جيد للغاية. لهذا السبب، يتم إجراء تمارين تدريبية دورية على إمتداد منطقة عمليات اليونيفيل، وخصوصاً على طول الخط الأزرق.

تُجري اليونيفيل، جنباً إلى جنب مع الجيش اللبناني، عمليات خاصة لمكافحة إطلاق الصواريخ، وخلالها يقوم الجنود بدوريات مشتركة مؤللة وراجلة في مناطق مختارة، ويضعون مراكز مراقبة مؤقتة وحواجز/ نقاط تفتيش لإيقاف وتفتيش السيارات والأشخاص الذين يتحركون في المنطقة، إلى جانب القيام بعمليات تفتيش لمناطق محددة تعتبر أنها مواقع محتملة لإطلاق الصواريخ.

دعم القوات المسلحة اللبنانية، هو عنصر هام من مهمة اليونيفيل، وهو يهدف إلى نقل المسؤوليات تدريجياً للقوات المسلحة اللبنانية بحيث تتولى السيطرة الأمنية الكاملة والفعالة على منطقة عمليات اليونيفيل وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١. وتحقيقاً لهذه الغاية، تقوم اليونيفيل بإجراء تدريبات ومناورات مشتركة مع القوات المسلحة اللبنانية، مثل التدريبات المشتركة بالمدفعية الحية، والإخلاء الطبي والإستجابة للكوارث الطبيعية وغيرها. وفي الوقت نفسه، تواصل اليونيفيل حث المجتمع الدولي على تكثيف جهوده لمزيد من المساعدة المادية والتقنية للجيش اللبناني.

إن للعمليات المنسقة مع القوات المسلحة اللبنانية هدف مزدوج: الأول تكتيكي لضمان الأمن، والثاني لدعم القوات المسلحة اللبنانية في تنفيذ المزيد والمزيد من المهام المعقدة لتولي السيطرة التكتيكية على الأراضي اللبنانية.

إن عمليات اليونيفيل البرية التي تُنفذ بالتعاون مع القوات المسلحة اللبنانية ساعدت في خلق ما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بـ "بيئة إستراتيجية الجديدة في جنوب لبنان".

العقيد سيرجيو فيليبي رئيس مركز العمليات المشتركة - اليونيفيل

(مجلة الجنوب - عدد رقم ٠٦، كانون الثاني ٢٠١٠)