زيارة خاصة لليونيفيل: من جندي الى رائد فضاء

previous next
17 مايو 2019

زيارة خاصة لليونيفيل: من جندي الى رائد فضاء

في أوائل هذا الشهر، استقبلت اليونيفيل زائراً غير عادي. عاد باولو نيسبولي - الذي خدم في لبنان كجندي إيطالي شاب من العام 1982 إلى العام 1984 مع قوة حفظ السلام المتعددة الجنسيات في بيروت - إلى لبنان بعد 35 عاماً.

شهدت تلك السنوات تحولاً كبيراً في حياته: من جندي إلى رائد فضاء مع وكالة الفضاء الأوروبية.

في مقابلة أثناء زيارته لليونيفيل في 3 أيار، أشار السيد نيسبولي انه بعد عودته إلى إيطاليا في عام 1984 ترك الجيش ليحيي "حلمه المستحيل" بأن يصبح رائد فضاء.

وقال: "إذا كان لديك حلم مستحيل، فسيبقى من المؤكد مستحيلاً إذا لم تبدأ بتحقيقه، وسيكون الأمر أقل صعوبة إذا بدأت بأخذ خطوات باتجاه هذا الحلم".

التحق نيسبولي بالجامعة، وحصل على شهادة هندسة في العام 1998، وفي سن الخمسين تقريباً، أدرك "حلمه المستحيل" بأن يصبح رائد فضاء. ومنذ ذلك الحين، سافر إلى الفضاء ثلاث مرات - في 2007 و2010 و2017 – وبلغ اجمالي عدد الأيام التي أمضاها في الفضاء الخارجي خلال رحلاته الثلاث 313 يوماً.

يقول نيسبولي: "الانسان بحاجة إلى الحلم ويحتاج إلى الجرأة".

أدناه، وبكلماته الخاصة (مع إضافات وإيضاحات)، يتحدث نيسبولي عن حياته كجندي في بيروت وكرائد فضاء.

الحياة كجندي في بيروت وما بعدها

خلال تلك المرحلة (العام 1982 إلى 1984)، وأثناء وجودي في بيروت، تعلّمت شيئين: أدركت أن الزي العسكري الذي أرتديه يحدث فرقا بالنسبة للسكان في لبنان وتعلمت أنه من الصعب البقاء في بلد بدون سلام.

عندما تم تقويض السلام في بيروت بسبب الهجمات والتفجيرات التي حصلت وقتها، تم إجلاؤنا، وخلال ذلك رأيت بيروت من السفينة، حيث كنا عائدين إلى إيطاليا.

عندما كنت في الفضاء، رأيت بيروت وإيطاليا والأرض من الفضاء الخارجي. لم أتعرف على هذا البلد أو ذاك، ولم أر حدوداً. نظرت فقط إلى الأرض - منزلنا. رؤيتي للأرض من الفضاء الخارجي أحدثت فرقاً جذرياً في طريقة تفكيري ومقاربتي للأمور.

الخط الأزرق الذي رأيته من الفضاء الخارجي كان الغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض بلونه الأزرق، وهو الحدّ الفاصل بيننا وبين الفضاء.

عندما أكون في الفضاء، أطير فوق أوروبا بأكملها في غضون دقائق، ولا أستطيع التمييز بين فرنسا أو سويسرا أو إيطاليا أو النمسا. نحن جميعاً في الوعاء عينه.

التحوّل

لقد نشأت في مدينة صغيرة في فيرانو بريانزا في ميلانو بإيطاليا. منذ أن كنت طفلاً، كان حلمي أن أصبح رائد فضاء، لكن العيش في بلدة صغيرة جعلني أحد من قدراتي وأحصرها بحدود تلك البلدة الصغيرة. ومع الوقت، أدركت أن كل هذه الحدود والجدران التي نبنيها حول حياتنا هي جدران من ورق. من بعدها أصبحت قادراً على اكتشاف قدراتي.

استأنفت دراستي الجامعية في العام 1985. رحلتي التي بدأت مع استئناف الدراسة حتى تتويج حلمي - أي الطيران في مكوك فضائي، استغرقت 20 عاماً من العمل الشاق.

من على مسافة 400 كيلومتر من الأرض ترى الأشياء بطريقة مختلفة. ترى كوكباً في الأسفل. أنت تنظر إلى الأرض وتشعر أنك تنظر الى منزلك. إنه كوكبك – فلا يعنيك النظر الى الجزر الصغيرة والجزئيات، وانما تنظر الى الأمر بشمولية.

النصيحة

من خلال المعرفة والتدريب المناسبين، ومن خلال المعدات المناسبة والعقلية الصحيحة، وأخيراً من خلال العمل مع الفريق المناسب، يمكنك القيام بأشياء مستحيلة.

يحتاج الشخص إلى الحلم ثم إلى الجرأة.

هنا على الأرض، نؤخذ بالنظر إلى الحدود والحواجز... ثم نذهب إلى الفضاء ويختفي كل شيء. لم تعد تتحدث عن لبنان، وعن الشرق الأوسط، وعن أوروبا... أنت تتحدث عن العالم كله.

الأرض سفينة تطير في الكون ونحن جميعاً بحارة. فيجب أن تتحد الإنسانية للحفاظ على سير هذه السفينة في الترتيب الكوني المعمول به.

في النهاية، الأرض عبارة عن حبة صغيرة من الرمل بين جميع حبيبات رمل الصحاري في العالم بأسره.