خطة عمل للحفاظ على مواقع التراث خلال النزاع
تكاد الآثار الرومانية في مدينة صور بجنوب لبنان تتنفس الصعداء لأنها بقيت سليمة، علماً أن هذه الهياكل الأثرية التي تترامى على شواطئ المدينة تعرّفنا على عادات وطقوس الناس الذين عاشوا هنا في غابر الأزمان، وأبرز ما فيها الحمامات الرومانية، وميدانين للمبارزة، الى جانب الساحة والأعمدة الرومانية.
في الأسبوع الماضي، انضم خبراء من "الدرع الأزرق الدولية"، وهي منظمة دولية تعنى بحماية التراث الثقافي العالمي من النزاعات والكوارث الطبيعية، إلى حفظة السلام التابعين لليونيفيل واليونسكو، حيث شارك الجميع في منتدى مدته خمسة أيام ناقشوا خلاله سبل الحفاظ على التراث في جنوب لبنان.
استمع المشاركون في منتدى "قبعة زرقاء ودرع أزرق" باهتمام لخبير في التاريخ بينما كان يتقدمهم في جولة حول هذه الآثار القديمة. وكانت سلسلة من ورش العمل عقدت لرفع مستوى الوعي لدى أفراد اليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية حول أهمية الممتلكات الثقافية ولماذا يجب حمايتها، شارك فيها أيضا موظفو بلدية وأعضاء من المجتمع المدني في صور، حيث ناقشوا كيف يمكن للتعاون العسكري- المدني تعزيز حماية الممتلكات الثقافية.
جوان فرشخ باجالي، مديرة جمعية بلادي، وهي منظمة غير حكومية لبنانية متخصصة في الحفاظ على التراث، قالت: "عندما يتعلق الأمر بالنزاع، أول حالات الطوارئ التي نتفق عليها جميعاً هي حياة الإنسان. هذا أمر بديهي. لا يوجد شيء يمكن أن يأتي قبل ذلك". ولكن، بالإضافة إلى المهام التي تأتي ما بعد النزاع مثل إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية، قالت ان منتدى "قبعة زرقاء ودرع أزرق" يريد تضمين الحفاظ على التراث الثقافي في قائمة المهام التي ينبغي أخذها في الاعتبار. واضافت: "يجب أن يدرج ذلك فعلياً في قائمة ما يجب القيام به فيما يتعلق بحالة الطوارئ. لم يكن يشكل أولوية مطلقاً، ولكن يجب أن يدرج على اللائحة".
وخلال جولة المجموعة في الموقع القديم، تحدثت سفيتلانا يوفيتش، وهي منسّقة في مكتب الشؤون المدنية التابع لليونيفيل، فقالت ان "اليونيفيل اختيرت من قبل الدرع الأزرق الدولية لإجراء هذا التدريب بسبب موقعها، فهي مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الوحيدة التي يوجد في منطقة عملياتها مواقع تراث عالمي مدرجة على لائحة اليونسكو".
من ناحيته، السيد كارل فون هابسبورغ، رئيس الدرع الأزرق الدولية، قال "ان ورش العمل كانت فريدة من نوعها"، وذلك بسبب تواجد حفظة سلام عسكريين وموظفين مدنيين من الشؤون المدنية تابعين لليونيفيل، الى جانب جنود من القوات المسلحة اللبنانية وأفراد من المجتمع المدني.
أضاف: "لقد كوّن ذلك مزيجاً رائعاً للغاية، حيث عملنا مع متخصصين يعرفون المواقع الأثرية جيداً، الى جانب الجنود والشؤون المدنية".
ومن خلال سلسلة من ورش العمل والزيارات الميدانية، قام المنتدى بتقييم أهمية التراث الثقافي، وقدّم تدابير ملموسة من خلال صياغة خطة عمل مفصّلة حول كيفية الحفاظ على المواقع الأثرية في جنوب لبنان.
وأضاف فون هابسبورغ: "بدون المجتمع المحلي وبدون المشاركين المحليين، سيكون ذلك مستحيلاً تماماً".
وبالعودة الى السيدة فرشخ باجالي، فقد أكدت أن حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة في وضع جيد للمساعدة في حماية مواقع التراث الثقافي في أوقات النزاع، "لأنهم ينتشرون بعد حالة النزاع حيث يكون التراث دائماً في خطر. وكما رأينا في الحروب التي حصلت مؤخراً، كان التراث هدفاً رئيسياً".
معلومات أساسية عن ورش العمل:
في عام 2017، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 2347، وهو أول قرار يركّز على التراث الثقافي وأهمية حماية التراث من أجل السلام والأمن.
تم تنظيم منتدى "قبعة زرقاء ودرع أزرق" في لبنان بالتعاون مع "الدرع الأزرق الدولية" (وهي منظمة دولية تعمل على حماية المواقع التراثية في أوقات الحرب والكوارث الطبيعية) واليونيفيل واليونسكو في بيروت وبلادي (وهي منظمة غير حكومية لبنانية متخصصة في حماية التراث المحلي) والقوات المسلحة اللبنانية والمديرية العامة للآثار في لبنان وبلدية صور.