خدمات طبية في وقت الحاجة
إن توفير الرعاية الطبية المجانية لسكان جنوب لبنان ليس بالأمر الجديد على اليونيفيل، فتقديم المساعدة للمجتمعات المحلية ودعمها جزء لا يتجزأ من أنشطة اليونيفيل منذ عام 2007. وفي ظلّ الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يواجهها الشعب اللبناني منذ عامين، أصبحت هذه الخدمات الطبية المجانية الآن موضع ترحيب بعد أن غدت الحاجة إليها ماسّة.
المقدم ديليتا لويزي، رئيسة الفريق الطبي في الكتيبة الإيطالية التابعة لليونيفيل، تزور كل أسبوع قرية أو قريتين في منطقة عمليات اليونيفيل. هذه المرة قدمت الدكتورة لويزي وفريقها خدمات طبية في مبنى بلدية معركة.
كانت غرفة الانتظار مليئة بالمرضى، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، جميعهم ينتظرون المعاينة من قبل الدكتورة لويزي. تتحدث الطبيبة العسكرية الإيطالية، فتقول: "منذ مهمتي الأخيرة هنا في جنوب لبنان قبل خمس سنوات، تغيّر الوضع في البلاد. الآن لبنان يعاني من أزمة اقتصادية والناس لا يمكنهم الحصول على فحص طبي ولا يمكنهم تحمّل تكاليف شراء الأدوية".
هذا هو الواقع القاسي الذي يواجه سكان بلدة معركة بشكل يومي. علاوة على ذلك، يشير رئيس بلدية معركة، السيد عادل سعد، إلى أنه بدون خدمات اليونيفيل الطبية، يضطر سكان البلدة للتوجه إلى أقرب مدينة، صور، التي تبعد نصف ساعة بالسيارة". ونظراً لتكلفة الوقود هذه الأيام، يفضل معظم الناس عدم الذهاب، مما يجعل هذه الخدمات المجانية أكثر حيوية للمجتمع. الأمراض الأكثر شيوعاً التي تعالجها الدكتور لويزي هي مشاكل التنفس، والحروق، والحمى، والفطريات.
ديانا حسين جاءت إلى العيادة المؤقتة لأول مرة. تقول: "في الواقع، جئت إلى هنا لإجراء فحص طبي لابني. إنه يعاني من احمرار في عينيه، وحمى، ولم يستطع النوم بشكل جيد خلال اليومين الماضيين".
أما زينب سعد، التي رأت الفرق الطبية في اليونيفيل عدة مرات، فقد رافقت والدها. تقول: "يعاني من مرض السكري ومرض يسمى بهجت مرتبط بانعدام المناعة. تتزايد الأعراض في يديه ورجليه. كما أنني أعاني من نزلة برد وهي مستمرة منذ 20 يوماً".
بجانب غرفة المعاينة التي تعمل بها الدكتورة لويزي، كان الدكتور أحمد غندور، الذي يعمل مع وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، يقدم أيضاً الرعاية الطبية للمرضى. تحدّث عن هذا التعاون، فقال: "مع الكتيبة الإيطالية نتشارك رحلة تعاون طويلة. كان مقرهم الرئيسي يقع هنا في بلدة معركة. لقد ساعدونا كثيراً من خلال العمل الاجتماعي، ولا سيما من خلال خدماتهم الطبية. نأمل أن يستمر هذا التعاون مع الكتيبة الإيطالية ويتوسّع".
بالنسبة للدكتورة لويزي، فإن الوقت الذي أمضته في لبنان يقترب بسرعة من نهايته. تتأمل في الوقت الذي قضته في جنوب لبنان بقلب مثقل. تقول: "بالنسبة لي، هذه هي المرة الثالثة التي آتي فيها إلى لبنان. هذا البلد في قلبي منذ العام 2012. لبنان يشبه إلى حدّ بعيد بوليا، المنطقة الإيطالية التي أتيت منها، سواء من حيث المناخ أو الودّ الذي يتحلّى به الأهالي. أتمنى أن أكون قد قدّمت مساهمة ولو بسيطة لهذا البلد. يحيا لبنان ويحيا الشعب الودود والمضياف الذي سيبقى في قلبي إلى الأبد".
من الانصاف القول ان الناس سيفتقدون أيضاً الدكتورة لويزي. ولكن مع كل تبديل جديد سيصل فريق طبي جديد، سواء مع الإيطاليين أو مع الدول الأخرى المساهمة بقوات في اليونيفيل. سيكملون من حيث توقفت الدكتورة لويزي وفريقها لمواصلة دعم اليونيفيل لسكان المنطقة.