خطاب رئيس البعثة وقائدها العام اللواء ديوداتو أبانيارا في اليوم العالمي للسلام (22 أيلول 2025)

22 سبتمبر 2025

خطاب رئيس البعثة وقائدها العام اللواء ديوداتو أبانيارا في اليوم العالمي للسلام (22 أيلول 2025)

أصحاب السعادة،
ممثلو الجيش اللبناني ومديريات الامن،
السلطات المحلية،
الزملاء من اسرة الأمم المتحدة،
الزملاء والأصدقاء،
جنود حفظ السلام،

أهلاً بكم في مقر اليونيفيل في الناقورة حيث نجتمع هنا اليوم، أمام هذا النصب التذكاري، لإحياء ذكرى اليوم العالمي للسلام، وهو يوم أقرته الأمم المتحدة لتذكيرنا بأن السلام ممكن، وأنه يجب حمايته. وكما قال الأمين العام غوتيريش: "السلام ليس مجرد حلم، بل هو عمل جاد، عمل يومي قائم على الشراكة والعزيمة".

اما الأنشطة الرمزية التي ترونها اليوم، كوضع إكليل من الزهر وإطلاق الحمام، تتجاوز مجرّد كونها مراسم احتفالية. إنها بمثابة أصداء للتضحيات السابقة، والتزاماتٍ بإبقاء الأمل حيًا في إمكانية استدامة السلام والدفاع عنه كل يوم. في كل سنة من شهر سبتمبر، يقف الناس في كل مكان للتأمل في السلام. لكن هنا في اليونيفيل، وفي قلوب الكثيرين خارج لبنان، لا نتأمل مرة واحدة فقط في السنة. بل نسعى جاهدين من أجل السلام يوميا مع كل دورية، كل عملية يتم تنسيقها مع الجيش اللبناني، كل تفاعل مع المجتمعات هو عمل فعلي يمثل السلام. فالسلام ليس فكرة مجردة.

ولهذا نسعى جاهدين من اجل العمل على خلق عالم يسوده السلام ليس غدًا، بل اليوم!

اما هنا في جنوب لبنان، نلتمس السلام في الدوريات المشتركة لليونيفيل والجيش اللبناني على طول الخط الأزرق وفي الجنوب. إنه عودة المزارعين إلى حقولهم، وتوجه الأطفال إلى مدارسهم سيرًا على الأقدام دون خوف، ووصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين حتى في الأوقات الصعبة. وفي مشهد مؤثر لا تزال اثار الصراع واضحة في كل بلدة وقرية زرتها واما في المقلب الاخر ترى صمود الناس، بكرامتهم، ودفئهم، واصرارهم على إعادة البناء إن قوتهم هي مرآة لما هو ممكن عندما تلتقي الشجاعة بالعزيمة.

سيداتي وسادتي، لا يزال دور اليونيفيل حيويًا اليوم كما كان عند تأسيسها. بدعوة من الحكومة اللبنانية وبتكليف من مجلس الأمن، كُلّفنا بالحفاظ على الهدوء، ومنع التصعيد، وتهيئة الظروف المناسبة للحلول السياسية. وكما قال الأمين العام غوتيريش: "يجب أن نعمل معًا عبر الحدود والمجتمعات لتجنب الصراعات وبناء الجسور لا الجدران". لكن هذه المهمة لا تقع علينا وحدنا. شراكتنا مع الجيش اللبناني أساسية. كل دورية مشتركة، كل مسؤولية مشتركة، كل خطوة نخطوها معًا، تُؤكد أن السلام يُبنى جنبًا إلى جنب. أُشيد بشجاعتهم واحترافيتهم. كما أن مهمتنا لم تكن لتكون ممكنة دون دعم الدول المساهمة.

تقف الى جانبنا نحو خمسين دولة ممثلة هنا. الاعلام التي ترفرف خلفنا ليست مجرد رموز، بل هي دليل على عزم دولي. هذا يروي قصة، فالسلام في لبنان ليس مجرد مسؤولية داخلية، بل عالمية. وإلى المجتمع الدولي: دعمكم لا يزال قويًا حيث تحوّل نحو أساليب أكثر ذكاءً وفعالية. نحن لا نبذل جهدًا أقل، بل نسعى جاهدين للأفضل، من خلال تعزيز عمل المؤسسات، وتمكين القيادات المحلية، ودعم انتشار الجيش اللبناني في الجنوب. أيها الأصدقاء، يحمل احتفال اليوم معنى عميقًا. تُذكرنا أكاليل الزهور بجنود حفظ السلام الذين بذلوا كل شيء. تضحياتهم تدعونا للتصرف بتواضع وشجاعة. عندما نطلق الحمام، ستُحلّق كرموز للأمل وجمال السلام الهش، "حيث تولد الشجاعة من رحم الخوف والامل من رحم اليأس. " أصدقائي، إنّ احتفال اليوم يحمل معنى عميقًا. إن التحديات التي نواجهها حقيقية. فالقرار 1701 لم يُنفَّذ بالكامل بعد.

الحوادث الأمنية تختبر يقظتنا. وفي هذه المناسبة، ومع اقتراب الأمم المتحدة من الذكرى الثمانين لتأسيسها، تظل عمليات حفظ السلام إحدى أقوى أدواتها. شفافة ونزيهة. على اليونيفيل، كسائر عمليات حفظ السلام، أن تتكيف مع تطور الظروف، لكن هدفنا يبقى ثابتًا، وهو خدمة السلام وحماية المدنيين ودعم مُثُل الأمم المتحدة. أصحاب السعادة، سيداتي وسادتي، في هذا اليوم العالمي للسلام، لنتذكر أن السلام ليس غاية، بل هو رحلة تتطلب الحوار والتسوية، وقبل كل شيء، العمل. يُشكّل شعار "لنتحرك الآن من أجل عالم يسوده السلام" تحديًا لنا جميعًا للمضي قدمًا. فلنبدأ العمل، من أجل استدامة الاستقرار في جنوب لبنان وحماية المدنيين ودعم الجيش اللبناني.

رسالتي الأخيرة واضحة ليس لي فقط بل لنا جميعا علينا العمل من اجل أن ترث الأجيال القادمة السلام الذي تستحقه. هذا واجبنا. هذا التزامنا. يجب ألا نتوقف أبدًا عن المطالبة بالسلام، لأن العالم اليوم بأمسّ الحاجة إليه.

شكرًا لكم